بيانات صحافية

بيانات صحافية أصدرها المجلس

Share
11/20/2018

الإسلام له السبق في سن تشريعات هي الأشمل والأوفى بمصلحة الطّفل وحقوقه ولا يوجد نظير لها في أي نظام آخر

.ممّا لا شكّ فيه الأديان وما تعارفت عليه البشريّة قديما وحديثا أنّ الأطفال هم شباب الغد وقادة المستقبل وحملة المسؤوليّة في كلّ أمّة وكلّ شعب يتطلّع إلى القوّة والتقدّم


ومن الصعب الحديث عن مدونات أنّ تعاليم الطّفل: حقوقا وحماية ورعاية دون التذكير بسبق الإسلام في هذا المجال بتشريعات، جاءت في أكثر مناحيها أشمل وأوفى بمصلحة الطّفل وحقوقه، لا أقول ذلك من باب التّغنّي بشريعة الإسلام واهتمامها بالأطفال، من قبل أن يكونوا أجنّة في بطون أمهاتهم، وحتى بلوغهم مبلغ الرّجال والنّساء، ولكن أقوله من باب التذكير بأن التشريعات الحديثة رغم ما بذل بها من جهد مشكور ومقدور، إلا أنها لا تزال في حاجة إلى الاهتداء بما جاء في هذا الدّين الحنيف، وفي الأديان عامة في شأن حماية هذا المخلوق الضعيف.


ويحسب لشريعة الإسلام أنّها التفتت لقضية حقوق الطفل في أزمان موغلة في الماضي، لم يكن الوعي البشريّ فيها جاهزا لمجرّد التفكير في موضوع كهذا، بل كانت الوحشية البشرية في تلكم الفترات تدفع الآباء دفعا إلى وأد بناتهم ودفنهنّ في التّراب، وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا..


يجمع علماء المسلمين على أن شريعة الإسلام تقوم على رعاية خمسة مقاصد، من أجلها بعث الله الرّسل وشرع الشرائع، وهي: حفظ الدّين، وحفظ النسل، وحفظ العقل، وحفظ النفس، وحفظ المال، وأن هذه المقاصد الخمسة تشكّل أسس أيّ مجتمع إنسانيّ يتطلع إلى الاستقرار والهدوء النفسيّ، وأن الشريعة الإلهية أحاطت هذه الأركان الخمسة بأحكام صارمة، أولا: من أجل تحقيقها، وثانيا: من أجل حمايتها من كل ما يعبث بها، وفيما يتعلّق بمقصد حفظ النسل حرّم الإسلام «الزنا» وهتك الأعراض والتحرش بالنساء وقتل الأولاد ووأد البنات، وحفظ النسل هذا هو الذي يعبر عنه في مؤتمرنا اليوم بعنوان: «تكريم الطفل»، وهو نفسه ما أحاطه التشريع الإسلامي بأحكام لا يلتمس لها نظير في أيّ نظام آخر من الأنظمة القانونية أو الاجتماعية أو الفلسفية.


وآية ذلك ما نجده من مراعاة الإسلام لمصلحة الطفل وهو في عالم الغيب حيث يجعل له حقّا على والده أن يختار أمه من وسط لا يعير به في طفولته بين أقرانه، فإذا ولد الطفل كان حقا على والده أن يختار له اسما لا يجعله مثار سخرية واستهزاء بين الأطفال، وكيلا يصاب بأمراض العزلة والانطواء والتوحّد.. وقد فطن نبيّ الإسلام ﷺ لخطر تسمية الأطفال، وما يترتب عليها من آثار سلبية على الطفل، فكان يتدخل بشخصه الكريم لتعديل أسماء الأطفال وتغييرها إذا كانت مسكونة بإيحاءات تؤذي مشاعر الطفل: ولدا كان أو بنتا، وقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت له ابنة تسمى: «عاصية» فسماها النبيّ ﷺ «جميلة»، وغير اســم: «حـرب» إلى «ســلم» و«المضطجع» إلى «المنبعث»، بل غير اسم قبيلة كاملة من «بني مغوية» إلى «بني رشدة»


وبلغ من رعاية الإسلام لحقوق الطفل أن حفظ له نصيبه في الميراث وهو جنين في بطن أمّه، وحرم الاعتداء على حياة الأجنة والمساس بها تحت أي ظرف من الظّروف، اللهم إلا ظرفا واحدا فقط هو أن يمثّل بقاء الجنين خطرا محققا على حياة الأمّ، ففي هذه الحالة يجوز الإجهاض؛ عملا بالقاعدة الشرعية التي تنصّ على وجوب ارتكاب أخفّ الضررين، وإزالة الضرر الأكبر بالضرر الأصغر، وفيما عدا ذلك لا يجوز إجهاض الطفل متى حلّت فيه الحياة مهما كانت الظّروف والملابسات؛ لأن حرمة حياة الطفل وهو في بطن أمّه تعادل حرمة حياته بعد ولادته، فإذا جوّزنا التّخلّص منه حيّا قبل ولادته من أجل التشوّه فعلينا أن نجوّز قتله حين يصاب بهذه التشوّهات بعد ولادته نتيجة الحوادث أو اشتداد العلل والأمراض. وما أظنّ أن عاقلا يقبل قتل الأطفال –أو الكبار-ممن شاءت لهم أقدارهم أن يصابوا بهذه العلل


هذا.. والقول بإباحة إجهاض الجنين المشوّه تفاديا لما قد تتعرض له أسرته في المستقبل من ألم نفسيّ قول غير صحيح؛ لأن من المعلوم أنّ هذه الحياة لا تخلو من الآلام بحال من الأحوال، والذين يريدونها خالية من الآلام والدّموع يطلبون وهما أو يركضون خلف سراب خادع، وليـس الحـلّ هو في إباحة إجهاض الأجنة المشوّهة، وإنّما هو في إنشاء مؤسّسات حديثة لإيواء الذين يولدون بعاهات وتشوّهات، وتوفير حياة كريمة تناسب ظروفهم، وتسعد أسرهم وأهليهم


ومثال آخر يظهر عناية الشريعة بحضانة الطفل هو أن الطفل الذي يولد من أب مسلم وأمّ مسيحية أو يهودية، ثم يفترق أبواه لأيّ سبب من الأسباب فإنّ شريعة الإسلام تقضي للأمّ المسيحية أو اليهودية بحضانة الطفل المسلم ولا تقضي لأبيه وأسرته المسلمة بحضانته؛ وذلك لقول النبيّ ﷺ: «من فرّق بين والدة وولدها، فرّق اللّه بينه وبين أحبّته يوم القيامة» وإعمالا للقاعدة الشرعية التي تقرر أن حقّ العباد مقدّم على حقّ الله

ذات صلة

بيانات صحافية

نشرتنا البريدية