حدد المشاركون في الملتقى العالمي الأول لشباب المجتمعات المسلمة، الذي نظمه المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، أمس في أبوظبي، عدة آليات رئيسة تساهم في تصحيح نظرة المجتمعات الغربية إلى أبناء الجاليات المسلمة، وتشمل ضرورة تجديد الخطاب الديني بالعودة إلى جذور تعاليم الدين السمحة بإرساء ثقافة التسامح، ونشر مفاهيم «التسامح» بين أبناء المجتمعات المسلمة، وعدم استيراد أزمات العالم ومحاولة تطبيقها لحل القضايا المحلية، وفتح المجال أمام الشباب المسلمين وتهيئة الظروف لهم لوضع الحلول المناسبة لقضاياهم الحياتية.
وأكد المشاركون خلال الملتقى المقام تحت عنوان «إعداد قادة الغد.. الالتزام والنزاهة والابتكار»، أهمية الاستماع إلى الشباب الذين يجدون صعوبة في الاندماج بداخل مجتمعاتهم الغربية، والتركيز على أخذ الفتوى للقضايا والتحديات المعيشية من أصحاب الاختصاص ضمن المحيط الداخلي للمنطقة بعيداً عن استيراد فتوى وحلول خارجية قد لا تتناسب مع طبيعة المنطقة.
وشددوا أن التزام المسلم دينه يجب ألا يكون دافعاً لمخالفة القوانين والإجراءات المعمول بها في وطنه أو البلد الذي يعيش فيه، فالتعبير عن الرغبة في التغيير يتم وفق إجراءات وقنوات رسمية عديده تساهم في إعطاء صورة حضارية عن الدين الإسلامي.
رؤية
وقال الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة في كلمته الافتتاحية لأعمال الملتقى: «نحن في دولة الإمارات، وفقنا الله عز وجل إلى رؤية، وهي ألا نستورد أزمات الآخرين إلى وطننا، فعلينا أن نعيش حاضرنا ونبني مستقبلاً أفضل لأبنائنا وبناتنا، مرتكزين في ذلك على أن الدين الإسلامي هو دين محبة وتسامح وتعايش بين الجميع».
وأضاف: «لا يوجد حل واحد، يمكن تعميمه على جميع مناطق العالم الإسلامي، فلكل منطقة تحدياتها ومشكلتها الخاصة، الأمر الذي يستدعي بالضرورة أن يكون الحال نابعاً من داخل المجتمع نفسه، من دون استيراد حلول خارجية قد لا تتناسب مع واقع المجتمع المحلي».
ونوه بأن الشباب لما يتمتعون به من معارف وتجارب حياتية، هم الأقدر على حل مشكلاتهم ومواجهة تحدياتهم واستشراف مستقبلهم، والمستقبل سيكون للشباب لذلك علينا جميعاً أن نمنحهم الفرصة لكي يقودوا عملية صناعته.
ولفت إلى أن الملتقى يأتي ضمن رؤية المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الهادفة لتمكين المجتمعات المسلمة من الاندماج الإيجابي في دولها؛ لتحقيق الانسجام بين الالتزام بالدين والانتماء للوطن، بغرض إعداد القادة ورعاية المواهب في أوساط الشباب المسلمين في مجالات التربية المدنية والتنظيم المجتمعي والإثراء الثقافي.
وأكد أن الملتقى فرصة جيدة لترسيخ رسالة المواطنة الهادفة، باعتبار أن منجز الدولة الوطنية الحديثة لا يتعارض مع قيم الإسلام التي تحث على المواطنة الحقة، عبر مخاطبة قضايا الشباب لتغيير فكري وثقافي في مجتمعاتهم بمختلف دول العالم؛ بتشجيعهم على ترسيخ الشراكة مع الآخر ابن الوطن المختلف دينياً لبناء الحضارة الإنسانية.
فتوى
من جانبه، حذر قطب سانو، مستشار رئيس غينيا للشؤون الخارجية من مغبة استيراد فتاوى من خارج محيطنا ومحاولة تطبيقها على واقعنا، مضيفاً: لا يمكن استيراد الفتاوى من الخارج فهي كما الدواء تمنح بناء على الأعراض وطبيعتها وخصوصيتها، فالفتاوى الخاطئة علاج خاطئ يمكن أن يؤدي لمفاقمة المشكلة وتفجيرها، مطالباً مسلمي المجتمعات المسلمة بإيجاد حلول لمشكلاتهم من الواقع من دون استيرادها من الخارج.
وقال إن الإسلام يدعونا للعمل من أجل الأوطان والتسامح مع الآخر، مؤكداً أن الالتزام الديني لا يعد سبباً لمخالفة القوانين والنظم في الدول التي نعيش فيها.
ترشيد
ويُعد المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، والذي يتخذ من أبوظبي مقراً له، بيت خبرة لترشيد المنظمات والجمعيات العاملة في المجتمعات المسلمة، وتجديد فكرها وتحسين أدائها من أجل إدماج المجتمعات المسلمة في دولها بصورة تحقق لأعضائها كمال المواطنة وتمام الانتماء للدين الإسلامي.
6 جلسات
يستضيف الملتقى على مدى يومين، 6 جلسات نقاشية، تستعرض موضوعات كيفية بناء قادة المستقبل، والمواطنة والدين في عصر الإعلام الجديد واحتمالية خطر انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمعات المسلمة في الحفاظ على اتحادها وتماسكها، والاندماج والمشاركة المجتمعية عبر التعاون بين أتباع الأديان، والمقاربات الجديدة للفقه الإسلامي والتعليم والأخلاق.