نظَّم جناح الأديان في COP29 خلال اليوم الرابع من فعالياته سلسلةً من الجلسات الحوارية التي ركزت على دور الأديان في مواجهة التغير المناخي والتحديات الاقتصادية المرتبطة به، وأهمية إحداث تحوُّل جذري في تعامل البشر مع البيئة، وسُبل دمج التمويل المخصص للمناخ مع الجهود الرامية لحماية الطبيعة، كما ناقشت الجلسات تأثير المنظمات الدينية في حشد المجتمعات نحو العمل المناخي الفعَّال، والعقبات التي تفرضها الديون على جهود التصدي لتغير المناخ، مع تأكيد ضرورة معالجة الخسائر غير الاقتصادية، مثل الآثار الاجتماعية والنفسية؛ من خلال التعاون المشترك وتوجيه الموارد لدعم المجتمعات الأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ.
وفي كلمته بالجلسة الافتتاحية، قال شي يونغشين، رئيس دير شاولين، إنَّ الأزمة المناخية تشكل تهديدًا خطيرًا للبشرية من تدمير للطبيعة وازدياد الكوارث التي تودي بحياة العديد من البشر، مما يتطلب مواجهة حاسمة وشجاعة من المجتمع الدولي للتعامل مع هذه القضية الوجودية، مؤكدًا أنَّ الحلول الحالية لا تعالج الأسباب الجذرية للتغير ويجب أن يكون هناك تحولًا جذريًّا في التعامل مع البيئة والطبيعة لتحقيق التنمية المستدامة واستقرار النظام المناخي.
وفي الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان: "التمويل من أجل دمج إجراءات المناخ والطبيعة: محرك لتسريع تحقيق أهداف الحياد المناخي من خلال السياسات"، أكَّد المشاركون أهمية تعزيز التعاون لمعالجة أزمة المناخ بفاعلية، وتعزيز الشفافية في إدارة المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ وتفعيل دور مؤسسات التمويل لقيادة التحول نحو إستراتيجيات إيجابية نحو الطبيعة ومواردها.
وتناولت الجلسة الثانية، "التَّمويل من أجل دمج إجراءات المناخ والطبيعة: محرك لتسريع تحقيق أهداف الحياد المناخي من خلال السياسات"؛ حيث أكَّد المشاركون ضرورة تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات والجهات المعنية لمعالجة أزمة المناخ بشكل فعال ومستدام، وترسيخ مبدأ الشفافية والمساءلة في إدارة المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ، باعتبارها خطوة أساسية لتعزيز الثقة بين مؤسسات التمويل الدولية والمجتمعات خاصة الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، كما أعربوا عن أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه مؤسسات التمويل لقيادة التحول نحو إستراتيجيات أكثر إيجابيَّة للطبيعة، بما في ذلك الاستثمار في التقنيات المبتكرة والحلول المستدامة التي تُعزِّز من حماية الموارد الطبيعية وتسهم في تحقيق أهداف الحياد المناخي.
وانعقدت الجلسة الثالثة تحت عنوان "إعادة استكشاف التمويل المناخي.. من خلال تشجيع مساهمات المنظمات الدينية"؛ حيث أكَّد المتحدثون الدور المحوري الذي تؤديه المنظَّمات الدينيَّة العالمية في بناء حراك مجتمعي وإطلاق مبادرات فاعلة لمكافحة صناعات الوقود الأحفوري ودعم استخدام الطاقة المتجددة، من خلال حشد الموارد المالية لأنَّها محل ثقة كبيرة في المجتمعات، وتستطيع الاستجابة بسرعة عند وقوع الكوارث الطبيعية، كما أشاروا إلى أنَّ التمويل يجب أن يصل إلى الدول الأكثر تضررًا من التغير المناخي لتمكينها من اتخاذ إجراءات التكيف أو التخفيف من آثاره.
فيما لفت المتحدِّثون في الجلسة الرابعة التي حملت عنوان :" التعامل مع الديون: العقبة الرئيسية أمام العمل المناخي"، إلى أن الديون تؤثر على تحقيق العدالة المناخية وتشكل عائقًا رئيسيًّا أمام اتخاذ الإجراءات المناخية الضروريَّة؛ حيث تنفق العديد من الدول جزءًا كبيرًا من التمويل المخصص لها على سداد الفوائد أكثر مما تنفقه على التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، موضحين أن عبء الديون يجعل من المستحيل تخصيص موارد كافية للتخفيف من آثار تغير المناخ، التكيف، وبناء القدرة على المرونة مع التداعيات المناخية.
وفي الجلسة الأخيرة التي عُقِدَت تحت عنوان:" الخسائر غير المرئية: معالجة الخسائر غير الاقتصادية في أزمة المناخ"، أشار المشاركون في الجلسة إلى أنَّ الأضرار الأكبر الناتجة عن تغير المناخ هي غير اقتصادية، ولا يمكن قياسها بشكل مباشر، بما في ذلك الخسائر البشرية، والنزوح بسبب الفيضانات، والمشكلات النفسية والاجتماعية التي يعاني منها الأفراد والمجتمعات المتضررين من تداعيات تغير المناخ، مؤكِّدين أهمية تعزيز جهود المنظمات الدينية وقادة الأديان الذين لديهم القدرة على إلهام العالم للقيام بخدمة الإنسانية وحماية الطبيعة، والمساهمة في بناء مستقبل أفضل من خلال رعاية الأرض.
وتهدف النسخة الثانية من جناح الأديان، الذي تستمر فعالياته في COP29 خلال الفترة من 12 : 22 نوفمبر الجاري، إلى البناء على النجاح الذي تحقَّق في النسخة الأولى خلال COP28، التي استضافتها دولة الإمارات العربيَّة المتحدة العام الماضي، وحَظِيَ بمشاركة عالمية واسعة واحتفاء دولي كبير، وذلك من خلال تنفيذ مجموعة من الجلسات الحوارية تشمل أكثر من 40 جلسةً نقاشيَّةً وحوارية تركِّز على ضرورة تعزيز التعاون بين الأديان لرعاية الأرض، وبحث أفضل الممارسات الجيدة للتخطيط للتكيف المستدام من قِبَل الجهات الفاعلة في مجال الإيمان، وكيفية تشجيع أنماط الحياة المستدامة من خلال الدين، فضلًا عن استكشاف التأثيرات غير الاقتصادية لتغير المناخ من خلال وجهات نظر قائمة على الإيمان، وإمكانية الوصول إلى تمويل الخسائر والأضرار، والدعوة إلى آليات المساءلة المحلية والعدالة المناخية الشاملة للجميع.