مع استمرار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في العاصمة المغربية الرباط، نظم جناح مجلس حكماء المسلمين اليوم الاثنين، ندوة مهمة تحت عنوان "الدين وتحديات العصر"، احتضنتها "قاعة الأوداية" بالمعرض، وذلك بمشاركة د. سمير أبو دينار، المدير التنفيذي لمركز حكماء لبحوث السلام، و د. يوسف الكلَّام، أستاذ التعليم العالي بجامعة القرويين ومؤسسة دار الحديث الحسنية
بالرباط.
وفي بداية الندوة، أكد د. سمير بودينار أن الدين وتحديات العصر يتطلبان تفكيرًا عميقًا ومناقشات مثمرة للوصول إلى حلول شاملة، مشيرًا إلى أهمية السعي للهداية في كل زمان؛ حيث تعد هذه العلاقة الدينية أساسية في توجيه الفرد، موضحًا أهمية البحث والاستكشاف في الأرض والتأمل في خلق الله.
وتساءل المدير التنفيذي لمركز حكماء لبحوث السلام حول كيف يمكن تحقيق الهداية في هذا العصر؟، مشيرًا إلى أن العصر الحالي لم يعد يعتمد على "التقليد الآبائي" في الإجابة عن التحديات الحالية، التي تجاوزت سطوة ما بعد العقل، صوب عصر الخيال والأحلام والعالم الافتراضي، لافتًا إلى أن العلاقة بين الدين والنص يجب أن تبقى حية، مؤكدًا أهمية السلم باعتباره مقصدًا من مقاصد الدين في الوقت الحاضر.
من جانبه، أشاد د. يوسف الكلَّام بجهود مجلس حكماء المسلمين في نشر قيم الحوار والتسامح والتعايش الإنساني وتعزيزها، مشيدًا بجهود المجلس برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، في العمل على تعزيز دور قادة الأديان في مواجهة التحديات العالمية، مؤكدًا مسؤولية العالِم والفقيه في الاستجابة لهذه التحديات.
ولفت الأستاذ بجامعة القرويين بفاس، إلى أهمية الفكر التراكمي وضرورة مراجعة الأفكار السابقة وتحديثها والنظر فيها وقياسها بمستجدات العصر الحالي، مستشهدًا بالحديث النبوي: "يبعث الله على رأس كل مائة عام مَن يجدد لهذه الأمة أمر دينها" .
وأوضح د. يوسف الكلام، أن المسلمين في الماضي استفادوا من الثقافات الأخرى، وفي الوقت الحاضر مع توسع الاتصالات والتواصل الاجتماعي، يحتاج المسلمون إلى تقديم حلول لمختلف المشاكل التي يواجهها العالم، حتى إن لم تكن مشكلة تتعلق بالعالم الإسلامي؛ لأن الإسلام هو دين للإنسان في شموليته، ويتعين أن يكون له دور في تقديم الحلول المناسبة لكل ما يواجهه من تحديات ومشكلات.
تخللت الندوة جلسات حوارية ومناقشات مثمرة بين المشاركين؛ حيث استُعرضت وجهات النظر المختلفة حول تحديات العصر ودور الدين في التعامل معها. كما شهدت الندوة حضورًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالشأن الديني؛ من بينهم المفكرة الإسلامية البارزة، "عصمت عبداللطيف دندش"، صاحبة عدة مؤلفات من بينها "دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا"، زوجة العلامة المغربي الراحل "محمد بن شريفة"، واحدٌ من أبرز المتخصصين في الأدب العربي وتحقيق التراث.
وينظم جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض النشر والكتاب الدولي، المقام بالعاصمة المغربية الرباط ٢٠٢٣ عددًا من الندوات والفعاليات الثقافية التي تتناول عددًا من القضايا والموضوعات الفكرية والثقافية والمجتمعية، انطلاقًا من رسالة المجلس برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، الهادفة إلى تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة.