الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين: التعددية سنة إلهية تدعونا للانفتاح على الآخر وتوحيد جهودنا في مواجهة التحديات العالمية
شارك الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، المستشار محمد عبد السلام، اليوم الخميس، في منتدى أستانا الدولي، الذي ينعقد في العاصمة الكازاخية أستانا تحت عنوان "مواجهة التحديات من خلال الحوار: نحو التعاون والتنمية والتقدم" بمشاركة أكثر من ١٠٠٠ مشارك من نحو ٧٠ دولة، من بينهم قادة ورؤساء دول ومسؤولون حكوميون ومديرون لمنظمات دولية، وأخرى متعددة الجنسيات، ويتضمن أكثر من ٤٠ حلقة نقاشية وفعاليات تتناول موضوعات تتعلق بتعزيز السلام والتعددية والنظام العالمي ومواجهة تحديات المناخ وغيرها.
وفي كلمته، التي جاءت في جلسة بعنوان "مستقبل التعددية"، أكَّد الأمين العام أن الإنسانية اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما إما التلاقي أو التشرذم، فإما أن نحسن تدبير تعدديتنا وترسيخ قيمها وبناء تقاليدها في وعي المجتمعات، وتطوير آلياتها المؤسسية والقانونية، وإما أن نتجه عالميًّا نحو مزيد من التشرذم، وبالتالي الاستعداد لأداء تكلفته الباهظة من الفرقة والصراع، والاضطراب في شتى صوره ومآلاته المأساوية.
وأضاف المستشار عبد السلام أن التعددية في تجلياتها المختلفة: الدينية والثقافية والمجتمعية، تمثل تعبيرًا عن حقيقة التنوع الإنساني في الأصل والمكونات الثقافية، فضلًا عن كونها حكمة لمشيئة إلهية، متسائلًا: كيف للإنسان أن يأذن لنفسه وهو المخلوق أن يُكرِه الخلق على غير ما اقتضت إرادة الخالق؟ وكيف لإرادة إنسانية أن تسلك بالناس غير ما اقتضت حكمة الله وفطرته التي فطر الناس عليها.
وأشار الأمين العام إلى أن مسؤوليتنا عن تأسيس حوار جاد وبناء حول مستقبل التعددية وخياراته تقتضي بالضرورة الانفتاح على الخبرات المجتمعية والحضارية المتنوعة في عالمنا، مع التوقف عند مسارات هذه التعددية في عصرنا باعتبارها تجليًّا لتلك الخبرات، وذلك بهدف أن يؤسس هذا الحوار لعلاقة إيجابية بين الإسلام دينًا وثقافة، وبين العالم الغربي وخاصة الأوروبي مجالًا إستراتيجيًّا وهوية ثقافية ومجتمعية، مع تأكيد أهمية تحقيق الاندماج الإيجابي ومواجهة كافة مظاهر التعصب والكراهية والإسلاموفوبيا.
وأوضح المستشار عبد السلام أن مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، يبذل جهودًا عديدة من أجل ترسيخ قيم السلام والتعايش الإنساني وقبول الآخر واحترامه، مشيرًا إلى أن وثيقة أبوظبي التاريخية للأخوة الإنسانية وضعت مجموعة من المحددات والمبادئ والأسس الحاكمة للتعايش المشترك بين جميع البشر على اختلافهم وتنوعهم، كما أن علاقة الصداقة والأخوة بين الإمام الطيب والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، رسخت نموذجًا ملهمًا لما يمكن أن تكون عليه العلاقة بين قادة وزعماء الأديان، وأسست لحوار بناء يركز على المشتركات الإنسانية.
ووجَّه الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين الشكر لحكومة كازاخستان على حُسن تنظيمها لهذا الحدث العالمي، وعلى رعايتها لفكرته، حتى أضحت مشروعًا عالميًّا لإنتاج الأفكار في معالجة مشكلات عالمية ملحة، وتطوير خبرات الحوار حولها بين الفاعلين الدوليين باختلاف تخصصاتهم ومشاربهم واهتماماتهم وتوجهاتهم.
يُذكر أن المنتدى ينعقد بمشاركة شخصيات من ٧٠ دولة، من بينهم قادة ورؤساء دول ومسؤولون حكوميون ومديرون لمنظمات دولية، في مقدمتهم الرئيس قاسم جومارت توكاييف، رئيس كازاخستان، وسمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، والرئيس صادر جباروف، رئيس قيرغستان، وعدد من القادة والزعماء والمسئولين حول العالم.