في إطار فعالياتِ جناح مجلس حكماء المسلمين بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، نظَّم المجلس ندوةً بعنوان "التعدديَّة الدينية والهوياتيَّة ومآلات الإسلام في الغرب"، قدَّمها كلٌّ من د. سعيد كفايتي، أستاذ اللغات الشرقية ومقارنة الأديان بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، و د. كريمة نور عيساوي، أستاذة تاريخ الأديان وحوار الحضارات بكليَّة أصول الدين بجامعة عبد المالك السعدي في تطوان.
وفي مستهل الندوة تطرَّقت د. كريمة نور العيساوي إلى تاريخ العلاقة بين الإسلام والغرب، مشيرةً إلى أن هذه العلاقة لم تكن دائمًا جيدة؛ حيث ساد سوء التفاهمات والصراعات الدينيَّة على مدار القرون الماضية، لافتةً إلى أن هناك تصوُّراتٍ خاطئةً وتوجهاتٍ سلبيةً تجاه الإسلام في الغرب، مما يؤثر على اندماج المسلمين في تلك الدول، ويزيد من التوترات الهوياتيَّة، داعيةً إلى تعزيز الحوار المتبادل والتفاهم الثقافي بين الثقافات المختلفة، والعمل على تجاوُز الخلافات الدينية والتَّركيز على القيم المشتركة.
من جانبه ألقى د. سعيد كفايتي الضوءَ على مجموعة من المعطيات المهمَّة حول التعددية الدينيَّة والهوياتيَّة في الدول الأوروبية، مشيرًا إلى أن التحديات المتعلقة بالتعددية ليست مقتصرةً على الزيادة في عدد المهاجرين واللَّاجئين، ولكنها تتعلق أيضًا بالتنوع الديني والثقافي غير المسبوق في تلك الدول خلال العقود الأخيرة.
وأكَّد أستاذ اللغات الشرقية ومقارنة الأديان بكلية فاس، على أهميَّة وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، التي وقَّعها فضيلة الإمام الاكبر أ. د. أحمد الطَّيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي عام ٢٠١٩، موضحًا أن هذه الوثيقة تعزِّز لغة الحوار بين أتباع الأديان وتُساهِمُ في تعزيز التسامح والتعايش السلمي.
ودعا د. كفايتي الشباب ووسائل الإعلام الجديدة إلى نشر مبادئ الوثيقة على نطاقٍ واسعٍ لمحاربة الفَهم الخاطئ للنصوص الدينية والفتاوى الإلكترونية التي تعكس مفاهيم مغلوطة، وتعترض الحوار وترفض الاختلاف، موضحًا أنه يجبُ أن يتم تضمين تعريف للأديان وتعزيز قيم الحوار والتسامح في المناهج الدراسيَّة، مع التَّركيز على المشتركات الدينيَّة والإنسانيَّة.
وفي ختام الندوة، أثارت المداخلات والمناقشات المطروحة قضايا مهمةً حول التعددية الدينية والهوياتية في الغرب؛ حيث أكَّد الحضور ضرورة العمل على تعزيز التواصل والتفاهم المتبادل بين الثقافات والأديان، وبناء جسور الحوار والتعاون لتحقيق التعايش السِّلمي في المجتمعات المتعددة.
وينظِّم جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض النشر والكتاب الدولي، المقام بالعاصمة المغربية الرباط ٢٠٢٣ خلال الفترة من ١ : ١١ يونيو الجاري، عددًا من الندوات والفعاليات الثقافيَّة التي تتناول عددًا من القضايا والموضوعات الفكرية والثقافية والمجتمعية؛ انطلاقًا من رسالة المجلس برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، الهادفة إلى تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة.
