نظَّم مجلس حكماء المسلمين ندوة بقاعة "الأوداية" بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط، بعنوان: قواعد الفَهم والتفاهم قدمها أ. د. نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.
في البداية، افتتح د. سمير بودينار، المدير التنفيذي لمركز الحكماء لبحوث السلام، الندوة مستشهدًا بكتاب الفهم والتفاهم من الفكر واللغة، للعلامة الشيخ أ.د. مصطفى بنحمزة، عضو مجلس حكماء المسلمين، ورئيس المجلس العلمي الجهوي لأقاليم الشرق بالمملكة المغربية.
من جانبه، تناول أ.د. نظير عياد قضايا مهمة تتعلق بواقع المسلم والفهم السليم للإسلام ومحاولة تحقيق التواصل والتفاهم في عالم المسلمين، موضحًا أن هناك العديد من تحديات العصر الحديث التي تؤثر على الفهم الصحيح للإسلام؛ مثل: التغيرات السريعة في المجتمع، وتعدد الأيديولوجيات، والنظريات المتضاربة، مؤكدًا أنه في ضوء هذه التَّحديات يصبح البحث عن الفهم والتفاهم ضرورة حتمية وفريضة دينية.
وأوضح د. عياد أهمية اللغة في تحقيق الفَهم الصحيح، مشيرًا إلى أن سوء استخدام اللغة يُمكن أن يعوق التواصل ويؤدي إلى سوء الفهم، داعيًا إلى ضرورة الحفاظ على اللغة العربية، التي هي لغة القرآن، وتطويرها لتتلاءم مع التطورات الحديثة، مسلطًا الضوء على مسألة الاجتهاد في الإسلام، مؤكدًا أن الاجتهاد هو جوهر الدين، وأن التفسير الصحيح للشريعة يحتاج إلى"إلمام العالِم وإحاطته باللغة العربية وفنونها"، داعيًا إلى ضرورة التحلي بمرونة تتفاعل مع طبيعة الشريعة ومتغيرات العصر.
ولفت الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إلى أن الله أودع في الدين ما يحقق للمسلم سبل الصلاح في الدنيا والآخرة، لافتًا إلى "أن القراءات الانتقائية أدت الى سوء فَهم للنص الديني"، موضحًا "أن اللغة تتجاوز دور التعبير نحو تحولها إلى بنية معقدة من التحليلات والألفاظ والتعابير، ما يُحتم ضرورة الإلمام بكل هذه الأمور للقفز عن الاستعمال السيء لها"، بعيدًا عن "تغليب العاطفة"، والقراءات التي انطلقت من أهواء شخصية وذاتية، وهو ما لا ينسجم مع طبيعة الفهم.
وفي الختام أشاد أ. د. نظير عياد، بالجهود العلمية والبحثية للشيخ أ.د. مصطفى بنحمزة، الذي قال إن الفهم الصحيح لا يتحقق إلا بالالتزام بالأصول، مع ضرورة التمييز في هذا الباب بين المطلق والمقيَّد، موضحًا أنَّ الاختلاف هو حقيقة كونية، وبه يمكن البحث والتطور وتطويع الحياة.
وقد شَهِدَت الندوة حضورًا مكثفًا من قِبل روَّاد المعرض الذين حرصوا على الاستماع لهذه الندوة والمشاركة من خلال مجموعةٍ من الأسئلة والمداخلات المتنوعة، التي شَهِدَت في ختامها أيضًا حفلًا لتوقيع الكتاب.
وتأتي هذه الندوة في ختام الفعاليات الثقافية التي نظمها مجلس حكماء المسلمين على هامش مشاركته في فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالعاصمة المغربية الرباط خلال الفترة من ١ : ١١ يونيو الجاري، وتناولت عددًا من القضايا والموضوعات الفكرية والثقافية والمجتمعية؛ انطلاقًا من رسالة المجلس برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، الهادفة إلى تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة.