من دبي إلى باكو .. "جناح الأديان" يحشد الأصوات في مواجهة تحدي المناخ
في العام الماضي، ومع استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28، جاءت دعوة رئاسة مؤتمر الأطراف في COP28 إلى ضرورة احتواء الجميع في العمل المناخي، وهو ما تلاقى مع حرص مجلس حكماء المسلمين على تفعيل دور قادة ورموز الأديان في مواجهة التحديات العالمية لا سيما قضية المناخ؛ حيث انطلقت فكرة تنظيم جناح الأديان في COP28 المبادرة الفريدة والاستثنائية والأولى من نوعها في تاريخ مؤتمر الأطراف، التي توفر منصة عالمية تجمع بين قادة وممثلين من مختلف الديانات إلى جانب العلماء والأكاديميين وخبراء البيئة وممثلي الشعوب الأصلية والشباب والمرأة، من أجل إيجاد حلول ناجعة وحاسمة تعالج الأزمة المناخية.
وعلى مدار أسبوعين في دبي استضاف الجناح أكثر من 65 جلسة بحضور 325 متحدثًا من جميع أنحاء العالم، وبعث من خلالها رسائل أمل للعالم من صناع للسياسات والقرارات والحكومات؛ بأن تحقيق العدالة المناخية وأهداف اتفاق باريس والحفاظ على عدم تجاوز درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية بحاجة ملحَّة إلى الصوت الأخلاقي للمجتمعات الدينية.
وفي هذا العام، وبناءً على النجاح الذي تحقق في COP28، يعود مجددًا جناح الأديان بتحالف عالمي ضمَّ 97 منظمة تمثل 11 ديانة وطائفة متنوعة في مؤتمر الأطراف COP29 الذي يعقد بالعاصمة الأذربيجانية باكو، ليناقش موضوعات جوهرية تتزامن مع التحديات المناخية الراهنة، بما في ذلك المسؤولية الأخلاقية المشتركة للمجتمعات الدينية في الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية، وسبل تعزيز النظم الغذائية المستدامة وحماية صغار المزارعين خاصة في الخطوط الأمامية للتغير المناخ، والتأثيرات غير الاقتصادية لتغير المناخ، لا سيما الآثار الثقافية والنفسية والروحية، والحاجة إلى تعزيز مفهوم الحوكمة العالمية لرعاية الأرض، ودعم الفئات المهمشة والضعيفة في المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.
وقال الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، سعادة المستشار محمد عبد السلام، إن مواجهة أزمة المناخ تتطلب تطبيق نهج شامل يجمع بين الجهود العلمية والقيم الأخلاقية والروحية من أجل تحقيق العدالة المناخية خاصة للمجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وتعزيز الاستدامة البيئية، موجهًا الشكر للجنة الوطنيَّة العليا للإشراف على التحضير لـCOP28، التي قدمت الدعم للمجلس لحشد أصوات قادة الأديان في مواجهة تحدي المناخ، كما وجَّه الشكر لرئاسة COP28 ورئاسة COP29 لدعمهما لمبادرة جناح الأديان، الذي أصبح نموذجًا عمليًّا للتعاون بين قادة الأديان والخبراء والعلماء في مجال البيئة والمناخ، بهدف تحويل المبادرات المناخية إلى حلول عملية ومستدامة تسهم في حماية كوكب الأرض، بيت الإنسانية المشترك.
وعلى مدار الأسبوع الأول شهد جناح الأديان في COP29 العديد من الفعاليات؛ حيث تناولت جلساته الحوارية التي استضافت أكثر من 150 متحدثًا من جنسيات وأديان متنوعة، استعرضت العديد من الجهود والتجارب والممارسات المناخية الرائدة التي تطبقها عدد من المؤسسات الدينية حول العالم، وإلقاء الضوء على أُطر عملية تدمج المعرفة البيئية التقليدية مع النهج العلمي الحديث لتعزيز المرونة وتشجيع الممارسات المستدامة، كما وجه المشاركون دعوات بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة الخسائر الثقافية والنفسية الناجمة عن تغير المناخ، خاصة تلك التي تؤثر على المجتمعات الأصلية والمواقع التراثية، وتقديم برامج ومشروعات متخصصة تدعم المرأة في تعزيز قدرتها على التكيف مع تغير المناخ، لا سيما في القطاعات الريفية والزراعية.
وتتواصل فعاليات جناح الأديان خلال الأسبوع الثاني من COP29، لمناقشة العديد من القضايا والموضوعات التي تركز على دور الأديان في تحفيز العمل الجاد لاستعادة التوزان البيئي ودفع الجهود في مجالي المناخ ورعاية الطبيعية، والحلول الحاسمة لتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود والتعافي من تداعيات التغير المناخي، والترابط الوثيق بين التنوع البيولوجي والمناخ والنظم الغذائية وسبل الاستفادة منها في تعزيز المرونة المناخية لدى المجتمعات، و كيفية تعزيز الشراكات البناءة لمواجهة تحديات التكيف، وإشراك الجهات الدينية الفاعلة في عمليات التخطيط والتنفيذ.