تحديات الحوار الإسلامي الإسلامي .. في ندوة ثقافية نظمها جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض بغداد الدولي للكتاب
رئيس مجلس علماء العراق: ينبغي أن تكون أولوية الحوار الإسلامي-الإسلامي هي تعزيز وتأصيل القواسم المشتركة
رئيس دار العلم للإمام الخوئي: نرتبط بعلاقة إستراتيجية عميقة مع مجلس حكماء المسلمين ونسعى معًا إلى بناء منظومة علاقات مشتركة
مدير مركز الحكماء لبحوث السلام: هناك حاجة ملحَّة لاستئناف الحوار الإسلامي-الإسلامي خاصة في ضوء التحديات التي تواجه المسلمين
نظم جناح مجلس حكماء المسلمين في معرض بغداد الدولي للكتاب ندوة ثقافية بعنوان:" الحوار الإسلامي- الإسلامي والتحديات المشتركة"، قدمها كلٌّ من الشيخ الدكتور محمود عبد العزيز العاني، رئيس مجلس علماء العراق، وسماحة السيد الدكتور جواد الخوئي، رئيس دار العلم للإمام الخوئي، وأدار الحوار الدكتور سمير بودينار، مدير مركز الحكماء لبحوث السلام؛ حيث شهدت الندوة حضور معالي الدكتور حسن ناظم، وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي السابق والمتحدث باسم الحكومة العراقية، وعدد من المسؤولين العراقيين إلى جانب نخبة من العلماء والمفكرين والأدباء والمثقفين وقطاع عريض من مختلف مكونات المجتمع العراقي.
وفي بداية الندوة، أكد الدكتور سمير بودينار، أن جناح مجلس حكماء المسلمين في معرض بغداد الدولي للكتاب حرص على تنظيم عدد من الندوات الثقافية يكون محورها الجامع هو الحوار الإسلامي-الإسلامي في ضوء الجوانب الفكرية والعقائدية والاجتماعية والثقافية، مشيرًا إلى أن هناك ضرورة مُلحَّة لاستئناف الحوار الإسلامي-الإسلامي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية خاصة في ضوء التحديات الكبرى التي تواجه المسلمين عمومًا على الصعيد العلمي والحضاري والأخلاقي والهوياتي وعلى صعيد مستقبل أبناء وأجيال الأمة الإسلامية، وصولًا لاستعادة هذه الأمة دورها الحضاري وإحياء مجدها التليد وتاريخها الزاهر.
وأضاف مدير مركز الحكماء لبحوث السلام أن الحوار الإسلامي-الإسلامي يجب أن يستند إلى أسس صحيحة تضمن تحقيق الأهداف المرجوة، وأن يقود هذا الحوار القيادات العلمية والدينية والمرجعيات الموثوقة التي تمثل رموزًا يحترمها المجتمع، وتشكل كلماتهم مرشدًا لبناء مستقبل أفضل للمجتمعات الإسلامية وأبنائها، لافتًا إلى أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، وجه خلال ملتقى البحرين في عام 2022، دعوة تاريخية للمسلمين بتجاوز تأثيرات الماضي والجلوس معًا على طاولة الحوار من أجل رأب الصدع وتحقيق وحدة جامعة، باعتبارها جوهر انتمائهم للأمة الإسلامية الخاتمة.
بدوره، قال الشيخ الدكتور محمود عبد العزيز العاني، إن الحوار يُعدُّ أحد الميزات الفريدة التي خص الله بها الإنسان عن سائر المخلوقات؛ حيث منحه القدرة على استخدام اللغة كأداة رئيسية للتواصل، غير أن هذه اللغة قد تصبح عائقًا في الحوار عندما تكون المصطلحات المستخدمة غير محددة بدقة، مما يؤدي إلى تعثر الحوار وانعدام التفاهم بين الأطراف، مؤكدًا ضرورة الاتفاق على تعريفات مشتركة وواضحة للمصطلحات، لضمان الوصول إلى نتائج مثمرة في النقاشات، وتفادي الوقوع في سوء الفهم أو الانحراف عن الموضوع.
وأوضح رئيس مجلس علماء العراق أن الأسس التي تشكل القناعات لدى الإنسان تعد أحد الأدوات الرئيسية الأخرى للحوار، لافتًا إلى أن الحوار الديني، برغم أهميته، يجب أن يُدار بحذر وتوازن، حتى لا يكون المساحة الأكبر في الحوارات الإسلامية البينية، وقال إن الاختلاف في تفسير النصوص أو في دلالاتها يجب أن يُناقش من منطلقات مشتركة تؤسس للتفاهم والتواصل، لافتًا إلى أن الأجدر أن تكون الأولوية في الحوار الإسلامي-الإسلامي هي البحث عن سبل التعاون المشترك، لتحقيق التنمية وبناء المجتمعات الإسلامية.
وفي السياق ذاته أكد سماحة السيد الدكتور جواد الخوئي، أن دار العلم للإمام الخوئي كانت دائمًا في طليعة المؤسسات الداعمة للحوار بين المذاهب والأديان والثقافات؛ إذ نسجت علاقات تعاون وثيقة مع كثير من المؤسسات الدينية الرائدة، وعلى رأسها الأزهر الشريف الذي يعد قبلة الاعتدال والوسطية، مشيرًا إلى أن هذه الشراكات أثمرت عن عدد من المبادرات المشتركة التي تعزز الحوار البناء والتفاهم المتبادل، مضيفًا أن دار العلم للإمام الخوئي ترتبط أيضًا بعلاقة إستراتيجية عميقة مع مجلس حكماء المسلمين؛ حيث يتشاركان في الرؤى والأهداف ويسعيان معًا إلى بناء منظومة علاقات مشتركة.
كما أوضح السيد الخوئي أن الحوار الإسلامي-الإسلامي يؤدي دورًا مهمًّا في مكافحة التطرف، ويلزم الأمة بوحدة الصف في مواجهة التحديات المختلفة التي تهدد كيانها وشعوبها، ويحافظ على القيم الإسلامية المشتركة بين المذاهب ومدارس الفكر الإسلامي المختلفة، ويعزز الانتماء للتراث الديني، مؤكدًا الحاجة الملحَّة لبدء لقاءات معمقة مع الجميع، والخروج بمواقف مشتركة تنبع من صميم الشعور بالمسؤولية المشتركة حيال سائر البلاد الإسلامية، وإزاء هذا الدين، مستشهدًا بقول كل من سماحةِ الإمامِ السيِّدِ السِيستانيِّ الذي قال "إنه ينبغي لكلِّ حريصٍ على رِفعةِ الإسلامِ ورُقِيِّ المسلمينَ أن يَبذُلَ ما في وُسعِه في سبيلِ التقريبِ بينهم"، وقول فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين: "أتوجَّهُ إلى عُلَماءِ الأُمَّةِ بأنْ يَنْهَضُوا لتحقيقِ وحدةٍ عُلَمائيَّةٍ، تجمعُ رُموزَ الإسلامِ من سُنَّةٍ وشيعةٍ وإباضيَّة وغيرهم مِمَّن هم مِن أهلِ القِبلةِ ، يَجتمعونَ بقُلوبِهم ومَشاعرِهِم -قبلَ عُقولِهم وعُلومهم- على مائدةٍ واحدةٍ ؛ لوَضعِ حُدودٍ فاصِلةٍ بين ما يجبُ الاتِّفاقُ عليه، وما يَصِحُّ الاختلافُ فيه، وأنْ نَقتدِيَ في اختلافاتِنا باختلافِ الصحابةِ والتابعينَ، ذلِكُمُ الاختلافُ الذي أَثْرى العُلومَ الإسلاميَّةَ، وحَوَّلَها إلى مَعِينٍ لا ينضَبُ من اليُسرِ واللُطفِ والرَحمة".
ويشارك مجلس حكماء المسلمين بجناح خاص للمرة الأولى في معرض بغداد الدولي للكتاب، وذلك انطلاقًا من رسالته الهادفة إلى تعزيز السِّلم وترسيخ قيم الحوار والتسامح، ومد جسور التعايش بين بني البشر على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم؛ حيث يقدم جناح المجلس الذي يقع في قاعة بغداد جناح رقم H2، أكثر من 220 إصدارًا بـ 5 لغات مختلفة، منها 24 إصدارًا جديدًا، يعالج أبرز القضايا الفكرية والثقافية المهمة، كما يستضيف الجناح سلسلة من الندوات والمحاضرات المتميزة، يشارك فيها نخبة من كبار المفكرين والعلماء والأكاديميين، لمناقشة سُبل تعزيز الحوار والتفاهم بين كافة الطوائف الإسلامية، وبناء جسور التواصل والسعي نحو مزيد من التعاون والوحدة بين مختلف مكونات الأمة.